تاريخ غزه

على الرغم من الطقس اللاهب، الا ان علماء الأثار ما يزالون يواصلون حفرياتهم في انحاء مدينة غزة

ويتوالى ظهور الجدران ، والمنازل القديمة من تحت الرمال بشكل مضطرد مع استمرار عمليات الحفريات.

ومرت حضارات عدة على غزة، كما وفد اليها اليونانيون وفراعنة مصر القديمة والفرس والرومان.

وقد ترك البريطانيون والاتراك .. وآخرون بصماتهم على غزة التي توصف بأنها اقدم مدينة في العالم.

وترقد مظاهر الحضارة تحت شوارع غزة المزدحمة ومبانيها المتصدعة.

التراث المنسي
يقال ان هذا تراث منسي بالفعل ولا يتذكره احد، فالعالم كله ينظر الى غزة بوصفها بؤرة مشاكل، وساحة دموية للمواجهة الفلسطينية مع اسرائيل.

لكن الجهود تجري الآن لتقديم صورة اخرى لغزة، حيث اقرت السلطة الفلسطينة خططا لبناء متحف للآثار في غزة، وتم تحديد المنطقة التي سيقام فيها بمساعدة الامم المتحدة.

يقول خالد عبد الشافي مدير برنامج الامم المتحدة للتنمية في غزة ان الناس حول العالم يعرفون غزة عبر شاشات التلفزيون بوصفها مكانا للعنف وبؤرة للمشاكل.

ويضيف :" صحيح ان هناك عنف .. لكن على الجانب الآخر فانه يوجد تاريخ وثقافة وحضارة في غزة
الازدحام اضر بالتاريخ
وتوصف الضغوط السكانية على قطاع غزة الصغير بأنها شديدة، وليس هناك ادنى شك بأن بعض المواقع الاثرية المحتملة قد تم بناء منازل عليها او ضاعت.

لكن عبد الشافي يقول انه على الرغم من ذلك فان تحت ارض غزة وبحرها الكثير من الاشياء التي لم تكتشف .. بل انها اكبر بكثير من تلك المكتشفة.

ويرى عبد الشافي ان هناك امكانية الآن لاكتشاف المزيد من الآثار وتجميعها في مكان واحد مثل المتحف الوطني.

ومنذ اكثر من 3500 عام ، فان تاريخ غزة تشكل بفعل موقعها الجغرافي، فهي تقع على الطريق الذي يربط بين شمال افريقيا والمشرق العربي.

وهذا الامر يعطي غزة اهمية استراتيجية بالنسبة للفراعنة المصريين، ولاحقا لعدد من الفئات الاخرى التي كانت ترغب في السيطرة على الاقليم.

ويقول جيرالد بوت مؤلف كتاب :" التاريخ الدقيق للمنطقة، غزة في مفترق طرق"، ان غزة وجدت نفسها هدفا لحصارات مستمرة، ومعارك دائمة.

ويضيف :" اما الناس فقد حكمهم اناس من مختلف ارجاء الكرة الارضية"، ومضى الى القول :" على سبيل المثال .. يتعين على من يريد ان يهاجم مصر الفرعونية ان يسيطر على غزة اولا، باعتبار انها المكان الآخير الذي يمكن ان تصل فيه القوات الى المياه قبل ان تبدأ المسيرة الشاقة عبر الصحراء.
واليوم فإن سائقو سيارات التاكسي الذين يقودون سياراتهم عبر الشارع الرئيسي في غزة يطلقون ابواق سياراتهم في وجه المارة او عربات الكارو التي يعج بها الشارع الذي يوصف بأنه واحد من اقدم الشوارع في العالم.

وقد سلك الفرعون ، والاسكندر الاكبر وحتى نابليون بونابرت هذا الطريق الذي اعيدت تسميته الآن باسم القائد المسلم المشهور صلاح الدين الايوبي.

وقد عرفت غزة ازمنة من الرخاء والسلام، ففي العصر الذي كانت مكتبة الاسكندرية تعزز سمعتها كمركز للحضارة، فان غزة كانت معروفة ايضا بوصفها مكانا للمعرفة والدراسة.

كما ان غزة كانت تعتبر ميناء في نهاية طريق التجارة الذي يربط شبه الجزيرة العربية بسواحل البحر الابيض المتوسط.

وكانت المدينة تتاجر في الاسماك والعبيد والعسل .
إذا مضت خطة المتحف الجديد قدما ، فان هذا المتحف سيبرز حتما مظاهر التنوع الهائل في تاريخ غزة، والغزوات التي تعرضت لها وفترات الاحتلال الطويلة التي خضعت لها .. والانسحابات المفاجئة للمحتلين.

وقد شهد الناس خلال الاشهر الماضية اعادة تكرار جديدة للتاريخ ، حيث انسحبت اسرائيل من القطاع في اطار خطة فك ارتباط ، وتركت المستوطنات التي بنتها لعقود.

القوات الاسرائيلية التي احتلت غزة لعقود انسحبت ، في اعادة تذكير بتاريخ غزة قبل الآف السنين ، حيث كانت الجيوش تأتي وتذهب.